مقالات وقضايا

أركان وشروط عقد الشركة

يُعد عقد الشركة من أهم العقود القانونية التي تُبرم في إطار الأنشطة التجارية والاقتصادية. يحدد عقد الشركة الشروط والأركان التي تجعل من الشراكة بين الأفراد أو الكيانات الأخرى كيانًا قانونيًا متكاملاً، يهدف لتحقيق الربح من خلال تنظيم التزامات الشركاء وحقوقهم. تتطلب الشركة توافر أركان محددة حتى تكون قابلة للتنفيذ قانونيًا ومحمية في إطار النظام القانوني المعتمد، لا سيما في النظام السعودي، الذي نصّ بوضوح على شروط وأركان عقد الشركة لضمان استقرار العلاقات المالية والتجارية بين الأطراف. في هذا المقال، سنستعرض الأركان الموضوعية العامة والخاصة، والأركان الشكلية لعقد الشركة، بالإضافة إلى مفهوم بطلان العقد وأثره القانوني.

أولاً: الأركان الموضوعية العامة لعقد الشركة

يجب أن تتوافر مجموعة من الشروط العامة التي تُطبق على جميع العقود، وتتمثل في الرضا، الأهلية، المحل، والسبب:

1. الرضا

يُعد رضا الشركاء شرطًا أساسيًا لانعقاد عقد الشركة، حيث يجب أن يتم الاتفاق بناءً على إرادة الشركاء الحرة، وأن يكون الرضا شاملاً جميع بنود العقد. يتضمن الرضا شروط الشراكة مثل رأس المال ونسبة حصة كل شريك وطبيعة النشاط التجاري. ينبغي أن يكون الرضا خاليًا من أي عيب مثل الإكراه أو التدليس، وفي حال وجود مثل هذه العيوب، يمكن للشريك المتضرر طلب إبطال العقد.

2. الأهلية

يشترط في الشركاء أن يتمتعوا بالأهلية القانونية الكاملة لإبرام العقود، أي أن يكونوا بالغين راشدين متمتعين بقواهم العقلية. فالقاصر، مثلاً، لا يمكنه الدخول في عقد شركة إلا بعد الحصول على إذن صريح من المحكمة.

3. المحل

محل عقد الشركة هو النشاط أو الهدف الذي أنشئت الشركة من أجله، ويجب أن يكون هذا الهدف مشروعًا قانونيًا وأخلاقيًا. إذا كان غرض الشركة يتعارض مع القانون أو الآداب العامة، مثل التجارة في المحرمات، يُعد العقد باطلاً بطلانًا مطلقًا.

4. السبب

السبب هو الدافع وراء إبرام عقد الشركة، ويجب أن يكون مشروعًا وغير مخالف للنظام العام. يمثل السبب الرغبة في تحقيق الربح عبر مشروع اقتصادي، وفي حال كان السبب غير مشروع أو غير حقيقي، يُعتبر العقد باطلاً.

ثانياً: الأركان الموضوعية الخاصة لعقد الشركة

إلى جانب الأركان العامة، توجد أركان خاصة بعقد الشركة لا بد من توافرها لضمان تحقيق غرض الشراكة، وتشمل:

1. تعدد الشركاء

من الضروري وجود شريكين على الأقل لانعقاد الشركة، حيث لا يمكن للشخص الواحد أن يشكل شركة إلا في بعض الحالات الاستثنائية، كالشركات ذات المسؤولية المحدودة لشخص واحد وفق النظام الجديد.

2. تقديم الحصص

يشترط على كل شريك تقديم حصة في الشركة، سواء كانت هذه الحصة نقدية، عينية، أو عمل. الحصة النقدية هي مبلغ من المال يلتزم الشريك بتقديمه، أما الحصة العينية فقد تكون عقارًا أو أصولًا عينية، ويجوز أيضًا تقديم حصة عمل، بحيث يكون الشريك ملتزمًا بتقديم خدمات أو أعمال للشركة.

3. الاشتراك في الأرباح والخسائر

من أهم أهداف الشراكة تحقيق الربح وتوزيعه على الشركاء وفقًا لنسب محددة، ومن الشروط الأساسية لعقد الشركة أن يتشارك الشركاء في كل من الأرباح والخسائر. يمنع القانون وجود ما يسمى بـ”شرط الأسد”، أي الاتفاق على أن يكون لأحد الشركاء نصيب كامل من الأرباح دون تحمله نصيبًا من الخسائر.

4. نية الاشتراك

لا يُعتبر الشريك شريكًا في الشركة إلا بوجود نية حقيقية للمشاركة، وتشمل هذه النية الالتزام بالتعاون الإيجابي مع الشركاء الآخرين لتحقيق هدف الشركة.

ثالثاً: الأركان الشكلية لعقد الشركة

تحتاج العقود التجارية إلى توثيق بشكل رسمي لحماية الأطراف، ولتكون ملزمة قانونيًا، وتتطلب الشكلية القانونية في عقد الشركة الكتابة والإشهار.

1. كتابة العقد

يشترط النظام السعودي أن يُكتب عقد الشركة ويُوثق لدى الجهات المختصة لتصبح الشركة قانونية وذات صفة رسمية. يتضمن العقد المكتوب جميع شروط الشركة والالتزامات والحقوق التي يجب على الأطراف الالتزام بها.

2. شهر العقد

بمجرد كتابة العقد، يجب أن يُسجل ويُشهر في السجل التجاري، بحيث يُعلن للغير بوجود الشركة، مما يكسبها الشخصية المعنوية، ويصبح عقد الشركة ساريًا ومُلزمًا أمام الغير.

رابعاً: بطلان عقد الشركة وأسبابه

يمكن أن يُبطل عقد الشركة إذا لم تتحقق أركانه، سواء الأركان العامة، الخاصة، أو الشكلية. ويقسم بطلان عقد الشركة إلى بطلان مطلق وبطلان نسبي:

1. البطلان المطلق

يحدث البطلان المطلق إذا كان العقد فاقدًا لأحد الأركان الجوهرية، كأن يكون رضا أحد الشركاء غير متحقق أو أن يكون غرض الشركة غير مشروع.

2. البطلان النسبي

يترتب البطلان النسبي على وجود عيب في أهلية أحد الشركاء، أو إذا شاب الرضا عيب كالتدليس. ويحق للطرف المتضرر فقط طلب بطلان العقد في هذه الحالة.

آثار الحكم ببطلان عقد الشركة

عند بطلان عقد الشركة، يُعتبر العقد وكأنه لم يكن، إلا أن الحقوق المكتسبة للغير تظل قائمة من خلال ما يُعرف بـ”الشركة الفعلية”، حيث يتوجب تصفية الشركة وتوزيع أموالها بما يحفظ حقوق الشركاء والغير.

توضح أركان وشروط عقد الشركة، وفقًا للنظام السعودي، الأساس القانوني الذي يُبنى عليه العقد لضمان شرعية الشراكة وأمن المعاملات. تعد هذه الأركان ضمانة للعدالة وحماية حقوق الشركاء والغير، مما يجعل من الضروري الالتزام بها لضمان تأسيس شراكة قانونية سليمة ومستدامة.

نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي

اترك رد

WhatsApp chat