مشاريع وأعمال خيرية مقالات وقضايا

التبرع بالأعضاء في السعودية

شهدت المملكة العربية السعودية في العقود الأخيرة تحولًا كبيرًا نحو تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء، وهو ما يعتبر خطوة إيجابية تساهم في إنقاذ حياة العديد من المرضى الذين هم في حاجة ماسة إلى أعضاء جديدة لمواصلة حياتهم. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الجهات الصحية، ما زال التبرع بالأعضاء يواجه تحديات ومعوقات. في هذا المقال، سنتناول تاريخ التبرع بالأعضاء في السعودية، وأهدافه وأهميته، والعوائق التي تحول دون انتشاره، بالإضافة إلى بعض المقترحات التي من شأنها تعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء في المجتمع السعودي.

تاريخ التبرع بالأعضاء في السعودية

بدأت المملكة العربية السعودية رحلتها في مجال التبرع بالأعضاء بشكل منظم منذ ثمانينيات القرن الماضي، مع تأسيس “المركز السعودي لزراعة الأعضاء” الذي يعتبر الجهة الرسمية المعنية بتنظيم وإدارة شؤون التبرع بالأعضاء وزراعتها. وجاء إنشاء المركز استجابةً للطلب المتزايد على الأعضاء بسبب الأمراض المزمنة التي تصيب أعضاء مثل الكلى والكبد والقلب والرئتين. ومنذ تأسيسه، قدم المركز دورًا محوريًا في نشر ثقافة التبرع بالأعضاء، سواء عبر التوعية المجتمعية أو من خلال توفير قاعدة بيانات للمرضى المحتاجين والمتبرعين المحتملين.

أهداف التبرع بالأعضاء

تتعدد الأهداف التي يسعى التبرع بالأعضاء في السعودية إلى تحقيقها، ومنها:

1. إنقاذ حياة المرضى: يعتبر الهدف الأساسي من التبرع بالأعضاء هو إنقاذ حياة المرضى الذين يعانون من فشل في وظائف بعض أعضائهم. بفضل زراعة الأعضاء، يمكن للعديد من المرضى استعادة صحتهم وتحسين نوعية حياتهم.

2. تقليل قائمة الانتظار: ينتظر العديد من المرضى لسنوات طويلة للحصول على أعضاء مناسبة، مما يؤثر سلبًا على حالتهم الصحية. يهدف التبرع إلى تقليل هذه القوائم وتلبية حاجات المرضى بشكل أسرع.

3. تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي: يعزز التبرع بالأعضاء مفهوم التكافل الاجتماعي، حيث يسهم المتبرعون في إنقاذ حياة الآخرين دون مقابل، مما ينشر روح التعاون والمساعدة في المجتمع.

4. تخفيض تكاليف العلاج: قد تساهم زراعة الأعضاء في تخفيض التكاليف العلاجية الباهظة المرتبطة بالأمراض المزمنة التي تصيب الأعضاء، مثل الفشل الكلوي الذي يتطلب غسيلًا مستمرًا للكلى.

طرق التسجيل للتبرع بالأعضاء في السعودية:

1. عبر تطبيق “توكلنا خدمات”:

• قم بتحميل تطبيق “توكلنا خدمات” على هاتفك الذكي.

• سجّل الدخول إلى التطبيق.

• انتقل إلى قسم “الخدمات”.

• اختر “خدمات الصحة”.

• انقر على خدمة “التبرع بالأعضاء”.

• اتبع التعليمات لإكمال عملية التسجيل.

لمزيد من التفاصيل، يمكنك زيارة الموقع الرسمي لتطبيق “توكلنا” على الرابط التالي: my.gov.sa

2. عبر الموقع الإلكتروني للمركز السعودي لزراعة الأعضاء:

• توجه إلى الموقع الرسمي للمركز السعودي لزراعة الأعضاء: scot.gov.sa

• ابحث عن قسم “التبرع بالأعضاء”.

• اتبع التعليمات لإكمال عملية التسجيل.

الشروط العامة للتبرع بالأعضاء:

• للمتبرعين الأحياء:

• يجب ألا يقل عمر المتبرع عن 18 عامًا.

• يجب أن يكون المتبرع بصحة جيدة، وألا يؤدي التبرع إلى الإضرار بصحته.

• يجب أن يكون التبرع نابعًا من إرادة حرة دون أي ضغوط.

• يجب إجراء فحوصات طبية للتأكد من ملاءمة المتبرع.

لمزيد من التفاصيل، يمكنك زيارة الموقع الرسمي للمركز السعودي لزراعة الأعضاء: scot.gov.sa

• للمتبرعين بعد الوفاة:

• يجب التحقق من الوفاة الدماغية وفقًا للبروتوكولات الطبية المعتمدة.

• يجب الحصول على موافقة الورثة الشرعيين للمتوفى.

• يجب التنسيق مع المركز السعودي لزراعة الأعضاء قبل استئصال أي عضو.

لمزيد من التفاصيل، يمكنك زيارة الموقع الرسمي للمركز السعودي لزراعة الأعضاء: scot.gov.sa

يُشجع الجميع على التسجيل كمتبرعين بالأعضاء، حيث يمكن لقرارك أن يُحدث فرقًا كبيرًا في حياة الآخرين.

الأهمية الاجتماعية والصحية للتبرع بالأعضاء

تبرز أهمية التبرع بالأعضاء في السعودية من خلال أثره المباشر على تحسين مستوى الرعاية الصحية. فالمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة يعانون ليس فقط على المستوى الصحي، ولكن أيضًا على المستوى النفسي والاجتماعي. من هنا، يأتي التبرع كوسيلة فعالة لإنقاذ حياتهم ورفع جودة حياتهم وحياة أسرهم، مما يسهم في خلق مجتمع أكثر صحة وسعادة.

المعوقات والتحديات

رغم الأهمية الكبيرة للتبرع بالأعضاء، إلا أن هناك عدة معوقات تعترض طريق تعزيز هذه الثقافة، ومنها:

1. نقص الوعي المجتمعي: ما زال الوعي بأهمية التبرع بالأعضاء محدودًا، حيث يحتاج الناس إلى فهم أعمق حول فوائد التبرع وكيفية تأثيره في إنقاذ حياة الآخرين.

2. المعتقدات الدينية والثقافية: هناك اعتقاد شائع بين بعض الأفراد بأن التبرع بالأعضاء قد يكون مخالفًا لبعض المعتقدات الدينية، رغم أن العلماء في المملكة أكدوا مشروعية التبرع بالأعضاء وأصدرت هيئة كبار العلماء فتاوى تؤكد ذلك.

3. التحديات القانونية والتنظيمية: على الرغم من وجود لوائح تنظيمية، إلا أن بعض الإجراءات قد تكون معقدة أو غير واضحة، مما يحد من قدرة المتبرعين المحتملين على اتخاذ القرار.

4. التخوف من استغلال الأعضاء: يعبر البعض عن مخاوفهم من إمكانية استغلال الأعضاء البشرية لأغراض غير شرعية، وهو ما يتطلب تشريعات أكثر صرامة وشفافية لضمان سلامة العملية.

المقترحات لتعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء

لتعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء في السعودية، يمكن اتباع عدة مقترحات، منها:

1. التوعية المجتمعية المكثفة: يمكن إطلاق حملات توعية شاملة على مستوى المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد، لتثقيف الجمهور حول أهمية التبرع وآثاره الصحية والاجتماعية.

2. تحديث القوانين: من الضروري تطوير إطار قانوني يضمن حقوق المتبرعين وشفافية العملية، مما يعزز ثقة الجمهور في النظام الصحي.

3. تسهيل إجراءات التبرع: يمكن تسهيل الإجراءات المتعلقة بالتبرع بالأعضاء، مثل التسجيل عبر الإنترنت أو السماح للأفراد بتسجيل رغبتهم بالتبرع عند استخراج بطاقة الهوية.

4. تقديم الحوافز: يمكن تقديم بعض الحوافز للمتبرعين بالأعضاء، مثل الإعفاء من بعض التكاليف الصحية أو تقديم خصومات على الخدمات الطبية، ما يشجع الناس على الإقبال على التبرع.

5. التعاون مع رجال الدين: يمكن للعلماء ورجال الدين أن يلعبوا دورًا هامًا في توضيح الجوانب الدينية للتبرع، مما يزيل اللبس لدى البعض ويعزز القبول المجتمعي لهذه الفكرة.

مستقبل التبرع بالأعضاء في السعودية

مع تزايد الوعي وتطور المنظومة الصحية، يتوقع أن يشهد مستقبل التبرع بالأعضاء في السعودية نقلة نوعية، خاصةً مع الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا الحديثة لتسهيل إجراءات التبرع وضمان توافق الأعضاء مع المرضى. إلى جانب ذلك، فإن تطور العلاقات مع الدول المتقدمة في مجال زراعة الأعضاء سيسهم في تحسين جودة العمليات وزيادة فرص الشفاء للمرضى.

أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية فتوى تتعلق بحكم التبرع بالأعضاء، حيث تناولت المسألة من جوانبها الشرعية والطبية. وقد خلصت اللجنة إلى جواز التبرع بالأعضاء بشروط وضوابط محددة، منها:

1. تحقق المصلحة الشرعية: يجب أن يكون التبرع لتحقيق مصلحة شرعية معتبرة، كإنقاذ حياة مسلم أو علاج مرض لا يتوفر له علاج آخر.

2. عدم الإضرار بالمتبرع: يجب أن لا يؤدي التبرع إلى ضرر بالغ أو تعطيل وظيفة أساسية في جسم المتبرع.

3. موافقة المتبرع: يجب أن يكون التبرع بموافقة المتبرع نفسه إذا كان حيًا، أو بموافقة ورثته إذا كان ميتًا.

4. عدم بيع الأعضاء: يجب أن يكون التبرع بدون مقابل مادي، حيث يُحرم بيع الأعضاء البشرية.

هذه الفتوى جاءت استنادًا إلى الأدلة الشرعية والقواعد الفقهية التي تبيح التبرع بالأعضاء ضمن الضوابط المذكورة، مع التأكيد على أهمية الالتزام بالشروط لضمان توافق العملية مع الشريعة الإسلامية.

يمكنك الاطلاع على فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء حول موضوع التبرع بالأعضاء عبر الموقع الرسمي للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية، وذلك من خلال الرابط التالي: alifta.gov.sa.

يعد التبرع بالأعضاء خطوة إنسانية نبيلة تستحق التشجيع، فهي تعبر عن أسمى قيم التكافل والتعاون في المجتمع. وبالرغم من التحديات التي تواجه انتشار ثقافة التبرع بالأعضاء في السعودية، إلا أن العمل المستمر على التوعية وتطوير التشريعات سيسهم في تعزيز هذه الثقافة وإنقاذ حياة المزيد من المرضى.

نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي

اترك رد

WhatsApp chat