شهد المجتمع السعودي تطوراً ملحوظاً في العقود الأخيرة، حيث أصبحت المرأة السعودية جزءاً فاعلاً في مختلف المجالات، بما في ذلك العمل التطوعي. يعد العمل التطوعي من أهم أدوات التنمية الاجتماعية، وتسهم المرأة السعودية اليوم بدور كبير في هذا المجال، مسهمةً بوقتها وجهدها في تحسين ظروف المجتمع وتطوير قدراته.
بداية مشاركة المرأة السعودية في العمل التطوعي
يمكن تتبع مشاركة المرأة السعودية في العمل التطوعي إلى العادات الثقافية التي تشجع على التكافل المجتمعي والتعاون. ومع تطور المجتمع السعودي وظهور الجمعيات الخيرية، ازدادت فرص النساء للمشاركة في الأنشطة التطوعية المنظمة، حيث ساهمت النساء من مختلف الأعمار في المبادرات الخيرية ومساعدة الفئات المحتاجة. ومع انطلاق رؤية المملكة 2030، أصبحت مشاركة المرأة في الأعمال التطوعية أكثر تنظيماً ودعماً، مما فتح مجالات جديدة وأسهم في تعزيز دورها.
أهداف المرأة السعودية في العمل التطوعي
1. تعزيز التماسك الاجتماعي: يهدف العمل التطوعي إلى تقوية الروابط بين أفراد المجتمع، من خلال تقديم الدعم والمساندة للمحتاجين.
2. تطوير المهارات القيادية: تتيح المشاركة في الأعمال التطوعية للنساء فرصة لتطوير مهاراتهن القيادية والإدارية، وتعزيز ثقتهن بأنفسهن.
3. تحقيق التنمية المستدامة: من خلال المشاركة في المشاريع البيئية والتعليمية والصحية، تسهم المرأة في بناء مجتمع مستدام.
4. دعم الفئات الأقل حظًا: تلعب المرأة دوراً كبيراً في تقديم المساعدة للفئات المحتاجة، مثل الأيتام، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة.
5. تحقيق التوازن بين الحياة العملية والاجتماعية: يعد العمل التطوعي وسيلة لتعزيز الجانب الاجتماعي للمرأة السعودية بجانب التزاماتها الأسرية والمهنية.
المجالات التي تساهم فيها المرأة السعودية في العمل التطوعي
1. التعليم والتدريب: تساهم النساء في تطوير المهارات الأكاديمية والمهنية للجيل الشاب من خلال تقديم دورات تعليمية وتدريبية للأطفال والشباب.
2. الرعاية الصحية: تشارك المرأة السعودية في حملات التوعية الصحية والتثقيف المجتمعي، وتقدم الدعم للمستشفيات ودور الرعاية الصحية.
3. حماية البيئة: المرأة السعودية تشارك بفعالية في المبادرات البيئية، مثل حملات التشجير وتنظيف الأماكن العامة، والتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة.
4. المساعدة الاجتماعية: النساء السعوديات يقدمن المساعدة للأسر المحتاجة، ويشاركن في جمع التبرعات وتوزيع المساعدات الغذائية.
5. الإغاثة والمساعدات الإنسانية: في حالات الكوارث والطوارئ، تلعب المرأة دوراً بارزاً في تقديم المساعدة وتنظيم المبادرات الإغاثية للمتضررين.
نماذج بارزة لمشاركة المرأة السعودية في العمل التطوعي
1. مبادرة “تمكين المرأة”: تهدف إلى تدريب النساء على المهارات القيادية والإدارية للمشاركة في مختلف الأنشطة التطوعية بفعالية.
2. حملات التوعية الصحية: خلال جائحة كوفيد-19، شاركت المرأة السعودية في توعية المجتمع بأهمية الصحة العامة واتباع التدابير الوقائية.
3. مبادرة “الأم الحاضنة”: وهي مبادرة تعزز دور المرأة في رعاية الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفر الدعم والرعاية لهم.
4. مشاريع البيئة المستدامة: حيث تعمل النساء السعوديات في برامج حماية البيئة وتشجيع الأفراد على تقليل الاستهلاك وإعادة التدوير.
مقترحات لتعزيز دور المرأة السعودية في العمل التطوعي
1. زيادة فرص التدريب: تنظيم دورات تدريبية تساعد النساء على اكتساب المهارات اللازمة للتطوع، مثل الإدارة، والإسعافات الأولية، والتعامل مع الفئات المختلفة.
2. تشجيع المؤسسات على دعم المرأة المتطوعة: تشجيع الشركات والمؤسسات على تبني سياسات تتيح للمرأة المشاركة في العمل التطوعي بجانب وظيفتها.
3. إطلاق حملات توعوية: تعريف المجتمع بأهمية العمل التطوعي وأثره على تحسين الحياة وتشجيع النساء على المشاركة.
4. تحفيز التطوع التخصصي: تشجيع النساء على التطوع في المجالات التي تتوافق مع تخصصاتهن الأكاديمية والمهنية، مثل الطب والتعليم والقانون.
التحديات التي تواجه المرأة السعودية في العمل التطوعي
رغم الإنجازات التي حققتها المرأة السعودية في العمل التطوعي، تواجه بعض التحديات، مثل:
1. الالتزامات الأسرية: تواجه بعض النساء صعوبة في التوفيق بين واجباتهن الأسرية والتطوع، خاصة مع قلة الدعم.
2. التحديات الثقافية: قد تكون بعض الأسر غير مدركة لأهمية العمل التطوعي للمرأة، مما يؤدي إلى عدم التشجيع على المشاركة.
3. قلة الفرص التطوعية المنظمة: رغم وجود فرص عديدة، إلا أن هناك حاجة إلى تنظيم أفضل واستثمار أكبر للطاقات التطوعية النسائية.
4. قلة الحوافز: ينقص بعض النساء التشجيع والدعم من المؤسسات، مما قد يقلل من الرغبة في المشاركة.
دور الحكومة في دعم المرأة السعودية في العمل التطوعي
تعمل الحكومة السعودية على تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في العمل التطوعي كجزء من رؤية المملكة 2030. ومن خلال إطلاق برامج ومبادرات تهدف إلى دعم المرأة، مثل توفير مراكز تطوعية ومؤسسات تدريبية، تساهم الحكومة في خلق بيئة داعمة للمرأة المتطوعة. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الحكومة دعمًا ماليًا ولوجستيًا للمشاريع التطوعية، وتسهل إنشاء المنظمات غير الربحية، مما يتيح للمرأة فرصًا أوسع للمساهمة في المجتمع.
أثر العمل التطوعي للمرأة على المجتمع والاقتصاد
1. تحسين جودة الحياة: من خلال المساهمة في المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية، تساعد المرأة المتطوعة في رفع مستوى المعيشة.
2. توفير الخدمات المجتمعية: يساهم العمل التطوعي في تقديم خدمات لا تستطيع الحكومة أو القطاع الخاص تغطيتها بالكامل، مما يسد فجوات هامة في المجتمع.
3. دعم الاقتصاد المحلي: المرأة المتطوعة تساعد في تخفيض التكاليف التشغيلية لبعض المشاريع، مما يدعم الاقتصاد ويوفر فرصًا لمشاريع جديدة.
4. رفع الوعي وتعزيز القيم: بفضل المبادرات النسائية التطوعية، يتم نشر قيم العطاء والتعاون، مما يسهم في بناء مجتمع مترابط وداعم.
دور المرأة السعودية في العمل التطوعي لا يقتصر على تقديم العون، بل يمتد إلى تحسين المجتمع وتعزيز التنمية المستدامة. من خلال العمل التطوعي، تثبت المرأة السعودية قدرتها على إحداث التغيير والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للمجتمع. وبفضل دعم الحكومة ومؤسسات المجتمع، ستستمر المرأة السعودية في تحقيق المزيد من الإنجازات في هذا المجال، لتكون نموذجًا يُحتذى به في العمل التطوعي عالميًا.
نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي