مقالات وقضايا

تحمّل المسؤولية عن أفعال الآخرين

تُعد المسؤولية عن فعل الغير من المواضيع البارزة في القانون والشريعة الإسلامية، حيث تمثل استثناءً للقاعدة العامة التي تنص على أن الشخص يُسأل فقط عن أفعاله الشخصية. تُلقي هذه المسؤولية الضوء على الحالات التي يتحمل فيها فرد ما تبعات أفعال آخرين نتيجة لعلاقة إشراف أو تبعية. تهدف هذه القوانين إلى تعزيز العدالة وحماية حقوق الأفراد، مما يجعلها ذات أهمية خاصة في النظام القانوني.

تعريف المسؤولية عن فعل الغير

المسؤولية عن فعل الغير تعني أن شخصًا يتحمل تبعات أفعال شخص آخر، بشرط أن تكون هناك علاقة قانونية أو اتفاقية تلزمه بالإشراف على هذا الشخص. وتنطلق هذه المسؤولية من مبدأ التضامن الاجتماعي وفكرة الضمان، حيث يكون المسؤول ملزمًا بتعويض الأضرار التي قد يتسبب بها من يخضع لرعايته أو توجيهه.

الحالات الأساسية للمسؤولية عن فعل الغير

توجد حالتان رئيسيتان للمسؤولية عن فعل الغير:

1. مسؤولية متولي الرقابة: يكون الشخص مسؤولاً قانونياً عن أفعال من يخضعون لرعايته مثل القاصرين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتحمل المسؤولية عن الأضرار التي قد يتسببون بها، بشرط وجود التزام قانوني بالإشراف.

2. مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه: يُقصد بها مسؤولية صاحب العمل عن الأفعال التي يرتكبها موظفوه أثناء تأدية عملهم. فعند حدوث ضرر ناتج عن أداء العمل، يكون المتبوع ملزماً قانونياً بالتعويض، ما دام العمل في إطار واجبات الوظيفة.

أسس المسؤولية عن فعل الغير

يستند القانون في تحميل المسؤولية عن فعل الغير إلى فرضية تقصير المسؤول عن الرقابة. فإذا صدر ضرر عن الشخص الخاضع للرقابة، يفترض القانون أن المشرف عليه لم يقم بواجباته بالشكل الكافي، ما لم يُثبت العكس. يهدف هذا الافتراض إلى حماية حقوق الأفراد المتضررين وضمان حصولهم على التعويض.

المسؤولية عن فعل الغير في الشريعة الإسلامية

تتبنى الشريعة الإسلامية قاعدة “لا تزر وازرة وزر أخرى”، إلا أنها تتبنى بعض الحالات الاستثنائية التي يتحمل فيها الشخص المسؤولية عن أفعال غيره، مثلما في حالة المتولي لرعاية شخص آخر. فإذا كان التأثير المباشر من متولي الرقابة دفعًا للغير على ارتكاب فعل ضار، فإنه يُسأل عن تبعاته. تهدف هذه القاعدة إلى تعزيز القيم الإسلامية العادلة التي تحافظ على حقوق الناس وتضمن عدم تحملهم لأوزار الآخرين إلا في حالات مبررة.

أهمية المسؤولية عن فعل الغير في المجتمع

تبرز أهمية هذا النوع من المسؤولية في حماية الأفراد والمجتمع من الأضرار التي قد تلحق بهم، وضمان التزام الجميع بواجبات الإشراف والرعاية. فعندما يشعر المسؤول بأن هناك تبعات قانونية قد يتحملها نتيجة إخلاله بالرقابة، يُدفع إلى أداء مهامه بحرص أكبر. بالإضافة إلى ذلك، تساهم هذه المسؤولية في تحقيق التوازن بين حقوق الأفراد وواجبات المكلفين بالرقابة، سواء كانوا أصحاب أعمال أو أولياء أمور.

تعد المسؤولية عن فعل الغير من المبادئ التي توازن بين العدالة والمسؤولية المجتمعية. فهي تضع ضوابط قانونية وأخلاقية على من يتولون مسؤوليات إشراف أو عمل، لضمان ألا يتعرض الأفراد للأذى دون تعويض. ومع أن الشريعة الإسلامية والقوانين المدنية تتبنى هذه المسؤولية بحذر واستثناءات، إلا أن كلاهما يهدفان إلى حفظ حقوق الأفراد وتحقيق العدالة الاجتماعية.

نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي

اترك رد

WhatsApp chat