مقالات وقضايا

سرطان الثدي نظرة عميقة

يُعد سرطان الثدي أحد أقدم وأبرز أنواع السرطان التي أصابت البشر. من حيث تأثيره، لا يقتصر على النساء فقط بل يمكن أن يصيب الرجال أيضاً، وإن كانت النسبة أقل بكثير. يبرز سرطان الثدي كتهديد كبير للصحة العامة على مستوى العالم، إذ يمثل حوالي 15% من حالات السرطان الجديدة كل عام. في هذا المقال، سنستعرض تاريخ هذا المرض، تطور طرق التشخيص والعلاج، أنواعه، وسبل الوقاية منه، بالإضافة إلى طرق الفحص.

تاريخ سرطان الثدي

تعود معرفة البشر بسرطان الثدي إلى العصور القديمة، حيث وردت أولى الإشارات إلى المرض في برديات مصرية تعود إلى عام 1600 قبل الميلاد. ومع ذلك، كانت طرق العلاج في ذلك الوقت بدائية، حيث اعتمدت على الجراحة لإزالة الأورام. في العصور الوسطى، كان المرض يُفهم بشكل محدود، وظلت النظرة إليه سلبية، حيث كان يُعتقد أنه لا يمكن علاجه.

أنواع سرطان الثدي

تختلف أنواع سرطان الثدي باختلاف خلايا الثدي التي تصاب بالسرطان، وتحديد النوع يساعد في تحديد الطريقة الأنسب للعلاج. إليك أبرز الأنواع:

1. السرطان القنوي الموضعي (DCIS): يبدأ في القنوات التي تحمل الحليب في الثدي ولا ينتشر إلى الأنسجة المحيطة.

2. السرطان القنوي الغازي (IDC): الأكثر شيوعاً، يبدأ في القنوات الحليبية ثم ينتشر إلى الأنسجة المجاورة.

3. السرطان الفصيصي الغازي (ILC): يبدأ في الغدد الحليبية وينتشر إلى الأنسجة المحيطة.

4. سرطان الثدي الالتهابي: نادر وعدواني، يتميز بالاحمرار والتورم في الثدي.

5. سرطان الثدي الثلاثي السلبي: لا يحتوي على مستقبلات لهرمونات الأستروجين، البروجستيرون أو البروتين (HER2)، مما يجعله أكثر صعوبة في العلاج.

العمر وخطر الإصابة بسرطان الثدي

تزداد فرص الإصابة بسرطان الثدي مع التقدم في العمر. على الرغم من أنه يمكن أن يصيب النساء في أي عمر، إلا أن معظم الحالات تُشخص بعد سن الـ50. كما توجد عوامل وراثية تلعب دورًا هامًا، حيث أن النساء اللواتي يحملن جينات معينة مثل BRCA1 وBRCA2 معرضات لخطر أكبر.

طرق الفحص والكشف المبكر

الكشف المبكر هو أحد أهم وسائل الوقاية من تطور سرطان الثدي. الفحوصات المنتظمة يمكن أن تزيد من فرص الشفاء التام إذا تم اكتشاف المرض في مراحله الأولى. تشمل طرق الفحص:

1. الفحص الذاتي للثدي: ينصح بالقيام بهذا الفحص شهرياً، خاصة بعد الدورة الشهرية. الفحص الذاتي يشمل البحث عن كتل أو تغيرات في شكل أو حجم الثدي.

2. التصوير الشعاعي للثدي (الماموغرام): هو الطريقة الأكثر فعالية للكشف المبكر عن سرطان الثدي، ويُنصح بالبدء في إجراء الماموغرام سنوياً أو كل سنتين بدءاً من سن الـ40.

3. التصوير بالموجات فوق الصوتية: يُستخدم لتحديد ما إذا كانت الكتل الموجودة في الثدي هي أورام صلبة أو أكياس مملوءة بالسوائل.

4. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يُستخدم في بعض الحالات للكشف عن سرطان الثدي، خاصة في النساء المعرضات لخطر مرتفع.

5. الخزعة: تُستخدم لأخذ عينة صغيرة من أنسجة الثدي لتحليلها تحت المجهر وتأكيد التشخيص.

طرق علاج سرطان الثدي

تتنوع أساليب علاج سرطان الثدي بناءً على نوعه ومرحلة تقدمه. إليك أبرز الخيارات العلاجية:

1. الجراحة: تشمل استئصال الورم أو استئصال الثدي بشكل جزئي أو كلي.

2. العلاج الإشعاعي: يُستخدم لتدمير الخلايا السرطانية المتبقية بعد الجراحة.

3. العلاج الكيميائي: يعتمد على استخدام الأدوية لتدمير الخلايا السرطانية في جميع أنحاء الجسم.

4. العلاج الهرموني: يُستخدم في الحالات التي تعتمد فيها الخلايا السرطانية على هرمونات مثل الأستروجين للنمو.

5. العلاج المناعي: يهدف إلى تعزيز الجهاز المناعي للجسم لمقاومة الخلايا السرطانية.

6. العلاج الموجه: يستخدم أدوية تستهدف بروتينات معينة تساعد الخلايا السرطانية على النمو.

طرق الوقاية من سرطان الثدي

الوقاية من سرطان الثدي تعتمد على عدة عوامل يمكن التحكم فيها للحد من خطر الإصابة:

1. الفحص الدوري: الانتظام في إجراء فحوصات الكشف المبكر يزيد من فرص اكتشاف السرطان في مراحله الأولى.

2. التغذية الصحية: اتباع نظام غذائي غني بالخضروات والفواكه والألياف والابتعاد عن الدهون المشبعة قد يقلل من خطر الإصابة.

3. النشاط البدني: ممارسة الرياضة بانتظام يساعد على الحفاظ على وزن صحي، مما يقلل من خطر الإصابة.

4. الحد من تناول الكحول: توجد علاقة بين استهلاك الكحول وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي.

5. الإقلاع عن التدخين: التدخين مرتبط بالعديد من أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي.

6. العلاج الوقائي للأشخاص المعرضين لخطر مرتفع: يمكن أن يتم علاج النساء اللواتي لديهن تاريخ عائلي قوي للمرض باستخدام الأدوية الوقائية أو في بعض الحالات اللجوء للجراحة الوقائية.

متى يجب البدء في الفحص؟

يُنصح النساء ببدء الفحص الذاتي بشكل دوري منذ سن العشرين، والبدء في الفحص بالماموغرام في سن الأربعين. في حالة وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الثدي، يجب البدء في الفحص في سن مبكر تحت إشراف الطبيب.

عمق وتأثير سرطان الثدي

سرطان الثدي ليس مجرد مرض يصيب الثدي نفسه، بل يؤثر على الصحة العامة والنفسية للمريضات. يتطلب التشخيص والعلاج تعاوناً متعدد التخصصات بين الجراحين، أخصائيي الأورام، الأطباء النفسيين، والمرضى أنفسهم. من هنا، تعتبر زيادة الوعي حول طرق الفحص المبكر، الأنواع المختلفة للسرطان، وطرق العلاج المتاحة، مسألة حياتية.

مقترحات عامة للتعامل مع سرطان الثدي

1. زيادة التوعية المجتمعية: توجيه الجهود نحو زيادة الوعي المجتمعي حول أهمية الفحص المبكر.

2. الدعم النفسي للمريضات: توفير الدعم النفسي للمريضات خلال جميع مراحل العلاج، وتوعية المجتمع بأهمية تقديم هذا الدعم.

3. البحث العلمي: دعم البحوث العلمية التي تركز على تطوير علاجات جديدة وفعالة لسرطان الثدي.

4. الاهتمام بالتغذية السليمة: التشجيع على تناول غذاء صحي وممارسة الرياضة بشكل منتظم كجزء من أسلوب حياة صحي يساهم في الوقاية من سرطان الثدي.

سرطان الثدي هو واحد من أكثر الأمراض شيوعاً بين النساء، لكن الكشف المبكر والعلاج الفعال يمكن أن يقللا بشكل كبير من آثاره السلبية. بفضل التطورات الطبية والتكنولوجية، أصبحت فرص النجاة من سرطان الثدي أفضل من أي وقت مضى. من المهم للنساء الالتزام بالفحوصات الدورية، والاهتمام بنمط الحياة الصحي، والتعاون مع الأطباء لتحقيق أفضل النتائج.

نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي

اترك رد

WhatsApp chat