الأستاذ /ماجد بن عايد العنزي ،أريد الإستفسار عن طريقة الاستعلام عن؟
كيف يؤثر التطوع على الصحة النفسية؟
الجواب:-
يُعَدّ العمل التطوعي من أهم وسائل التكافل الاجتماعي، حيث يسهم في تعزيز روح التعاون والترابط بين أفراد المجتمع. في السعودية، شهد العمل التطوعي تطورًا مستمرًا في السنوات الأخيرة، خاصة في مجال رعاية المرضى في المستشفيات. هذا النوع من العمل التطوعي ليس فقط وسيلة لدعم المرضى، بل هو أيضًا وسيلة لتحسين الصحة النفسية للمتطوعين أنفسهم، وهو أمر أكدت عليه الدراسات العلمية وأقوال علماء الدين.
تاريخ العمل التطوعي في المستشفيات السعودية
بدأت فكرة العمل التطوعي في المستشفيات السعودية منذ عقود طويلة، حيث كانت الجهود التطوعية بسيطة وتقوم بها أفراد المجتمع المحلي. مع تطور القطاع الصحي، أصبح العمل التطوعي في المستشفيات أكثر تنظيماً، حيث تُشرف عليه المؤسسات الخيرية ووزارة الصحة. اليوم، يوفر التطوع في المستشفيات السعودية فرصًا للمتطوعين لتقديم الدعم النفسي والمعنوي للمرضى، مما يسهم في تخفيف العبء عن الطاقم الطبي وتحقيق أهداف إنسانية سامية.
أهداف العمل التطوعي في رعاية المرضى
• تقديم الدعم النفسي والمعنوي للمرضى: يشعر المرضى براحة أكبر عندما يكون هناك من يستمع إليهم ويدعمهم.
• تخفيف العبء عن الطاقم الطبي: من خلال مساعدة المتطوعين في بعض المهام غير الطبية.
• تعزيز ثقافة العمل التطوعي: تشجيع المجتمع على المشاركة والمساهمة.
• تحسين تجربة المرضى في المستشفى: من خلال تقديم الرعاية والعناية المستمرة.
أنواع العمل التطوعي لرعاية المرضى في المستشفيات السعودية
1. الدعم النفسي والاجتماعي
يسهم المتطوعون في تحسين الحالة النفسية للمرضى، حيث يقدمون الدعم النفسي من خلال الاستماع للمرضى والتفاعل معهم بإيجابية. هذا النوع من الدعم يعزز من معنويات المرضى ويخفف من شعورهم بالوحدة، خاصةً لأولئك الذين لا يزورهم أحد بانتظام.
2. توفير المساعدة في التنقل والإرشاد
يقدم المتطوعون خدمات توجيه وإرشاد للمرضى وذويهم، ويقومون بمساعدة كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة على التنقل في المستشفى، مما يسهم في تحسين تجربة المرضى وتخفيف عناء التنقل عنهم.
3. تنظيم الأنشطة الترفيهية والتثقيفية
يقوم بعض المتطوعين بتنظيم أنشطة ترفيهية مثل قراءة القصص للأطفال المرضى أو تقديم ورش توعوية حول الصحة والنظافة. هذه الأنشطة تسهم في تحسين الوعي الصحي للمرضى وتساعدهم على التعامل مع ظروفهم الصحية بشكل أفضل.
4. مساعدة المرضى في إنهاء الإجراءات
يمكن للمتطوعين مساعدة المرضى في إنهاء بعض الإجراءات الإدارية مثل التسجيل وتعبئة الاستمارات، مما يسهم في توفير وقت المرضى وتسهيل أمورهم.
تأثير العمل التطوعي على الصحة النفسية للمتطوعين والمرضى
تعزيز الشعور بالسعادة والرضا
أشار عالم النفس مارتن سليجمان، مؤسس علم النفس الإيجابي، إلى أن السعادة تأتي من المشاركة في أنشطة ذات مغزى، ويُعَدّ العمل التطوعي أحد هذه الأنشطة التي تمنح الفرد شعوراً بالمعنى والرضا. في دراسة من جامعة هارفارد، وُجد أن العمل التطوعي يرفع مستويات السعادة ويعزز الشعور بالراحة النفسية، وذلك بفضل إفراز هرمونات السعادة كالدوبامين والأوكسيتوسين.
تقليل التوتر والقلق
يُعتبر العمل التطوعي وسيلة فعالة لتخفيف التوتر، كما أشار ريتشارد ديفيدسون من جامعة ويسكونسن، الذي أوضح أن “المشاركة في أعمال خيرية تعزز من الجهاز المناعي وتقلل من التوتر”. حيث يعمل الدماغ بشكل إيجابي عند الانخراط في أنشطة تحقق أهدافاً إنسانية، مما يُسهم في تهدئة الأعصاب وتقليل التوتر.
تعزيز الثقة بالنفس واحترام الذات
قال ناثانيل براندن، مؤسس نظرية احترام الذات، إن الأنشطة التي تجعل الفرد يشعر بالكفاءة والفائدة تعزز من احترام الذات والثقة بالنفس. في دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، تبيّن أن المتطوعين يتمتعون بمستويات أعلى من احترام الذات، لأنهم يشعرون بأهمية دورهم وقيمة جهودهم.
تقوية الروابط الاجتماعية وتوفير الدعم النفسي
قال عالم الاجتماع روبرت بوتنام إن العمل التطوعي يعزز “رأس المال الاجتماعي”، وهو مفهوم يعبر عن الروابط الاجتماعية والدعم المجتمعي. في دراسة من جامعة ستانفورد، تبين أن المتطوعين يشعرون بالانتماء والأمان النفسي بفضل الروابط الاجتماعية التي يكوّنونها أثناء التطوع.
تنمية مهارات التكيف والصبر
أوضح دانيل غولمان أن العمل التطوعي يُكسب المتطوع مهارات التكيف مع التحديات، حيث يجد المتطوع نفسه في مواقف تتطلب الصبر والمرونة النفسية. في دراسة نُشرت في المجلة البريطانية لعلم النفس، تبيّن أن المتطوعين يطوّرون قدرة أكبر على التحمل والتكيف مع الظروف الصعبة، مما يعزز مرونتهم النفسية.
أقوال علماء الدين الإسلامي في فضل العمل التطوعي وأثره النفسي
أهمية التعاون وتقديم العون للآخرين
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله- إن التعاون على الخير من أعظم القربات، إذ قال: “التعاون على البر والتقوى من أعظم القربات… ويحقق السعادة بينهم”. وقد أشار إلى أن تقديم العون للآخرين يعزز التراحم والتكافل في المجتمع ويعود بالنفع على الجميع.
تعزيز السكينة وراحة القلب
أوضح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أن تقديم العون يجلب السكينة للقلب ويقلل من القلق والضيق، حيث قال: “من أحسن إلى الناس أحسن الله إليه، ومن بادر بالعون والعطاء يجد بركة هذا العون في نفسه وراحته”. يؤكد بذلك أن العمل التطوعي يحقق طمأنينة النفس وراحة القلب.
فضل السعي لقضاء حوائج الناس
ورد عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قوله: “من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف شهر في مسجدي هذا” (حديث حسن). يستنبط العلماء من هذا الحديث أن السعي في قضاء حوائج الناس يعود على الإنسان براحة نفسية عظيمة، ويزيد من شعوره بالرضا والإنجاز.
تعزيز الشعور بالرضا من خلال التطوع
قال الإمام الغزالي -رحمه الله-: “القلب إذا لقي من يخدمه ويعينه على الخير اطمأن وأحس بلذة العطاء”. ويرى الغزالي أن تقديم الخدمة للآخرين يجلب الرضا والطمأنينة، ويعزز السعادة والراحة النفسية لدى المتطوع.
الأثر النفسي للتعاون على البر والتقوى
قال الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى” (سورة المائدة، آية 2). يُفسر العلماء هذه الآية بأن التعاون على فعل الخير يزيل عن القلوب مشاعر الأنانية ويزرع الطمأنينة والسلام النفسي.
مقترحات لتعزيز العمل التطوعي لرعاية المرضى في المستشفيات السعودية
1. تطوير برامج تدريبية للمتطوعين: تقديم برامج تدريبية تركز على المهارات النفسية والاجتماعية اللازمة للتعامل مع المرضى.
2. تنظيم برامج توعية: توعية المجتمع بأهمية التطوع لتعزيز الصحة النفسية للمتطوعين وتحقيق أهداف إنسانية.
3. توفير الدعم اللوجستي: تشجيع المؤسسات على تقديم دعم مادي ومعنوي للمتطوعين.
4. تكريم المتطوعين: منح المتطوعين شهادات تقدير، مما يعزز من تقديرهم لجهودهم ويحفزهم للاستمرار.
الخاتمة
العمل التطوعي في رعاية المرضى في المستشفيات السعودية لا يقتصر على تقديم الدعم للمرضى فقط، بل يعود بفوائد عظيمة على الصحة النفسية للمتطوعين، كما يعزز من روح التعاون والرضا. استناداً إلى أقوال العلماء والدراسات العلمية، يُظهر العمل التطوعي أنه وسيلة فعالة لتحقيق السعادة والطمأنينة النفسية، ويجعل من المجتمع السعودي مجتمعاً متكافلاً ومترابطاً
نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي