مع اقتراب فصل الشتاء كل عام، يبدأ الحديث عن لقاح الإنفلونزا الموسمية وأهميته في الوقاية من هذا المرض الذي يصيب الملايين حول العالم. الإنفلونزا الموسمية هي عدوى تنفسية يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خاصة عند كبار السن والأطفال والأشخاص الذين يعانون من حالات طبية مزمنة. ولذلك، فإن لقاح الإنفلونزا يُعتبر أداة هامة في مجال الصحة العامة.
بداية وتاريخ اللقاح
بدأ تطوير لقاح الإنفلونزا في ثلاثينيات القرن العشرين بعد اكتشاف الفيروسات المسببة للإنفلونزا، وتم إنتاج أول لقاح فعال في الأربعينيات. في البداية، كان اللقاح يُستخدم بشكل أساسي لحماية الجنود خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن سرعان ما أصبح جزءًا من استراتيجيات الصحة العامة لمكافحة انتشار الإنفلونزا في المجتمعات.
مع مرور الوقت، تطور اللقاح ليشمل العديد من السلالات المتغيرة للفيروس، حيث يتم تحديث تركيبة اللقاح سنويًا لتتوافق مع السلالات المتوقعة للانتشار في الموسم القادم.
صلب الموضوع: أهمية اللقاح
اللقاح يعتبر من أبرز الوسائل للوقاية من الإنفلونزا الموسمية، حيث يعمل على تحفيز جهاز المناعة لإنتاج أجسام مضادة ضد الفيروس. يتم إنتاج اللقاح قبل بدء موسم الإنفلونزا، ويُوصى بتلقيه سنويًا، حيث أن فيروسات الإنفلونزا تتغير بشكل مستمر.
مكونات اللقاح
عادةً ما يحتوي لقاح الإنفلونزا على:
• سلالات فيروسية معطلة أو ضعيفة: حيث يتم إدخال سلالات من فيروسات الإنفلونزا (A و B) المتوقعة في الموسم، ولكن بشكل غير نشط، حتى لا تسبب المرض.
• مواد مساعدة: وهي تساعد على تعزيز فعالية اللقاح من خلال تحفيز الاستجابة المناعية.
• مواد حافظة: للمساعدة في حفظ اللقاح وضمان سلامته.
تختلف تركيبة اللقاح بين سنة وأخرى، حيث يتم تحديثها بناءً على الأبحاث العلمية وتوقعات انتشار الفيروسات.
الشركات المصنعة للقاح
هناك العديد من الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج لقاحات الإنفلونزا، من أبرزها:
• Sanofi Pasteur: وهي واحدة من أكبر الشركات المصنعة للقاحات حول العالم.
• GlaxoSmithKline (GSK): تقدم مجموعة متنوعة من اللقاحات الموسمية.
• AstraZeneca: تشتهر بتقديم اللقاح عبر بخاخات الأنف.
• Seqirus: تعد من الشركات الرائدة في تصنيع اللقاحات المعتمدة على تكنولوجيا زراعة الفيروسات في البيض.
فوائد اللقاح
• الوقاية من الإصابة: يوفر اللقاح حماية ضد السلالات الأكثر شيوعًا من فيروسات الإنفلونزا، مما يقلل من خطر الإصابة بالمرض.
• تقليل الأعراض والمضاعفات: حتى في حال الإصابة بالإنفلونزا بعد أخذ اللقاح، تكون الأعراض أقل شدة، وتقل فرصة حدوث المضاعفات الخطيرة مثل الالتهاب الرئوي.
• حماية المجتمع: يساعد اللقاح في حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل كبار السن والنساء الحوامل والأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.
السلبيات والآثار الجانبية المحتملة
رغم أن لقاح الإنفلونزا آمن بشكل عام، قد يعاني بعض الأشخاص من آثار جانبية بسيطة، منها:
• احمرار أو ألم في موقع الحقن: وهو عرض جانبي شائع يزول عادة بعد وقت قصير.
• أعراض تشبه الإنفلونزا الخفيفة: مثل الحمى أو الصداع، وغالبًا ما تكون خفيفة وتختفي بعد يوم أو يومين.
• ردود فعل تحسسية: في حالات نادرة، قد يحدث رد فعل تحسسي شديد، لذا يُوصى بأخذ اللقاح تحت إشراف طبي.
إيجابيات تلقي اللقاح
• خفض معدلات انتشار المرض: يؤدي تلقي نسبة كبيرة من السكان للقاح إلى تقليل انتشار الفيروس وتحقيق “المناعة المجتمعية”.
• تقليل الضغط على المنظومة الصحية: يقلل اللقاح من حالات دخول المستشفى بسبب الإنفلونزا، مما يساعد المنظومة الصحية في توفير الرعاية للمصابين بأمراض أخرى.
• تحسين جودة الحياة: من خلال تقليل عدد أيام الإصابة بالمرض وأعراضه المزعجة، يستطيع الناس ممارسة حياتهم بشكل أفضل.
المقترحات العامة والأهداف
1. زيادة الوعي بأهمية اللقاح: من خلال الحملات التوعوية في المدارس وأماكن العمل والمراكز الصحية، يجب تعزيز فهم أهمية تلقي لقاح الإنفلونزا الموسمية.
2. توفير اللقاح لجميع الفئات المستهدفة: ينبغي أن يُتاح اللقاح بسهولة، خاصة للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة الشديدة، مثل كبار السن والأطفال والمصابين بأمراض مزمنة.
3. تطوير تكنولوجيا اللقاحات: يمكن تحسين طرق تصنيع اللقاحات لجعلها أكثر فعالية، مثل تطوير لقاحات طويلة المدى لا تتطلب تحديثًا سنويًا.
4. تعزيز الأبحاث العلمية: لدراسة سلوك فيروسات الإنفلونزا وفهم التغيرات الجينية التي تحدث فيها، وذلك لتحسين فعالية اللقاحات المستقبلية.
العمر المناسب لأخذ لقاح الإنفلونزا هو منذ عمر 6 أشهر فما فوق. يُوصى بإعطاء اللقاح لجميع الأشخاص الذين يبلغون 6 أشهر أو أكبر سنويًا، إلا في بعض الحالات الخاصة مثل وجود حساسية شديدة تجاه مكونات اللقاح أو وجود موانع طبية.
فئات العمر والأولوية:
• من 6 أشهر إلى 8 سنوات: يحتاج الأطفال في هذه الفئة العمرية، الذين يأخذون اللقاح لأول مرة، إلى جرعتين يتم إعطاؤهما بفاصل 4 أسابيع.
• فوق 9 سنوات: عادةً يُعطى جرعة واحدة من اللقاح سنويًا.
• كبار السن (65 سنة فأكثر): يُوصى بشدة بأخذ اللقاح، حيث إن هذه الفئة تكون أكثر عرضة للمضاعفات الناتجة عن الإنفلونزا.
يُفضل استشارة الطبيب لتحديد الجرعة والنوع المناسب من اللقاح، خاصة إذا كان الشخص يعاني من أي حالات صحية معينة.
لقاح الإنفلونزا الموسمية أداة أساسية في مكافحة الإنفلونزا وتقليل تأثيراتها السلبية على الصحة العامة. ورغم بعض الآثار الجانبية الطفيفة، إلا أن الفوائد الصحية والمجتمعية لتلقي اللقاح تتفوق بشكل كبير على المخاطر المحتملة. إن تلقي اللقاح السنوي يساعد في حماية الأفراد والمجتمع، ويُعد خطوة مهمة نحو حياة أكثر صحة واستقرارًا خلال موسم الإنفلونزا.
كتبه الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي