التعليم مشكلة وحل مقالات وقضايا

هوس سرقة النحاس وعلاجها

في كل فترة نسمع ونقرأ عن سرقة الحاس من قبل ضعاف النفوس والمجرمين الذين لا يكترثون للقوانين وهم بحاجة للردع القوي والرادع، لقد شهدت بعض المناطق في المملكة حوادث مؤسفة تمثلت في سرقة كيابل الكهرباء من أكثر من خمسين مدرسة، وهو أمر بالغ الخطورة يتجاوز كونه مجرد جريمة سرقة عادية، إذ أدى إلى تعطيل العملية التعليمية وإلحاق خسائر مادية جسيمة. مثل هذه السرقات لا تضر بالمباني فقط، وإنما تعطل مسيرة التعليم وتشوش على الطلاب والمعلمين، وتزيد من الأعباء المالية على الدولة والمجتمع، وحيث أن أسباب تفشي الظاهرة المنكرة لعدة أسباب منها، ارتفاع أسعار المعادن وخاصة النحاس، مما يجعل الكيابل هدفًا مغريًا للسارقين، كذلك ضعف الحراسة والرقابة الأمنية على بعض المباني المدرسية، أيضاً وجود سوق سوداء نشطة تستقبل هذه المواد المسروقة دون رقابة صارمة، أيضاً غياب تشريع خاص يجرم سرقة الكيابل النحاسية خصوصاً  باعتبارها جريمة ماسة بالأمن المجتمعي، لا مجرد سرقة ممتلكات، وأيضاً ضعف الوعي بخطورة هذه الجريمة على المجتمع، تمثل سرقة الكيابل والأسلاك النحاسية  خطرًا مباشرًا على الأمن المجتمعي، فهي تؤدي إلى تعطيل الدراسة وخلق فوضى في الجدول التعليمي، وتكبد الدولة نفقات ضخمة لإعادة الإصلاح، فضلًا عن إسهامها في نشر الشعور بانعدام الأمان،  ومن منظور شرعي، فإن هذه الأفعال تدخل في دائرة تخويف الآمنين والإفساد في الأرض، وهي جرائم تستوجب تشديد العقوبات وردع مرتكبيها، وحيث أنني مفكر وكاتب، أرى أنه يوجد العديد من الحلول المقترحة لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة و لا بد من اتخاذ حزمة من الإجراءات المتكاملة منها على سبيل المثال، سن تشريع خاص بجرائم سرقة النحاس، بحيث يتم تميزيها عن غيرها من السرقات وذلك باعتبارها من  الجرائم الكبرى الماسة بالمصلحة العامة، من الضروري رفع سقف العقوبات بحيث تشمل السجن والغرامات المشددة، وربطها بجرائم التخويف والإفساد في الأرض، ومن الضروري إلزام الجناة بتحمل التكاليف المالية الناتجة عن إصلاح ما أفسدوه كاملاً، من المهم أيضاً إنشاء قاعدة بيانات لمراقبة تداول المعادن والكيابل المستعملة، ومنع بيعها إلا عبر قنوات رسمية مرخصة، وتعزيز الرقابة الأمنية حول المدارس والمباني عبر أنظمة الكاميرات وأجهزة الإنذار، مع تكثيف الجولات الأمنية في كل وقت وحين، لا بد من إطلاق حملات توعية تبين أن هذه السرقات ليست جريمة مالية فردية فحسب، بل هي اعتداء على حق المجتمع بأسره ، ويجب توعية الطلاب وإقامات الندوات والنشرات عبر الوسائل المختلفة، من المهم أيضاً أن يستفاد من تجارب دولية في مواجهة هذه الظاهرة بحيث اعتمدت بعض الدول حلولًا مبتكرة في هذا المجال؛ ففي المملكة المتحدة تم إصدار قانون خاص عام 2013 يمنع بيع المعادن إلا عبر منافذ مرخصة، مما أدى إلى تراجع كبير في هذه السرقات، وفي المقابل قامت دولة  الهند وجنوب أفريقيا بتشديد العقوبات على سارقي النحاس وربط الجريمة بتهديد المرافق العامة، وهو ما ساعد على تقليص الظاهرة بشكل ملحوظ، ولكن لا بد من توجيه الشكر والتقدير لحكومتنا الرشيدة وللجهات الأمنية والتنفيذية التي بادرت بسرعة في معالجة هذه الحوادث والتعامل معها بجدية واحترافية، فقد تم تدارك الوضع وإعادة التيار الكهربائي للمدارس في وقت وجيز، وهو ما يعكس حرص القيادة والجهات المعنية على حماية التعليم وضمان استمرارية العملية التربوية دون تعطي، إن هذه الاستجابة السريعة تعد نموذجًا يُحتذى به في إدارة الأزمات وحماية المرافق العامة، إن سرقة كيابل المدارس ليست مجرد اعتداء على ممتلكات الدولة، بل هي تهديد لمستقبل التعليم وأمن المجتمع. ومع تضافر جهود الحكومة والجهات الأمنية وسن تشريعات صارمة، يمكن القضاء على هذه الظاهرة وحماية مرافقنا التعليمية من العبث، ويبقى وعي المجتمع وتعاونه عنصرًا أساسيًا في نجاح أي حل دائم.

كتبه الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي​

4 Comments

اترك رد

WhatsApp chat