يعتبر الشروع في الجريمة من المفاهيم القانونية الأساسية، حيث يبدأ الجاني بتنفيذ خطوات فعلية تهدف إلى ارتكاب جريمة لكنه يُمنع من إتمامها لأسباب خارجية خارجة عن إرادته. يحظى مفهوم الشروع في الجريمة بأهمية كبرى لأنه يعكس نية الجاني واستعداده لارتكاب الجريمة، ويهدف القانون إلى حماية المجتمع من تلك الأفعال حتى قبل اكتمالها. في هذا المقال، سنتناول تعريف الشروع في الجريمة لغة واصطلاحًا، ونناقش تاريخه وأهدافه وطرق التحضير له، بالإضافة إلى أركانه والجرائم التي تمثل شروعًا وتلك التي لا تمثل ذلك.
تعريف الشروع في الجريمة
تعريف الشروع في الجريمة لغةً
يأتي مصطلح “الشروع” من الفعل “شرع”، أي ابتدأ أو بدأ، ويشير في اللغة إلى بداية أو انطلاق فعل معين. في سياق الجريمة، يدل الشروع على البدء في تنفيذ فعل إجرامي دون الوصول إلى تحقيقه الكامل.
تعريف الشروع في الجريمة اصطلاحًا
اصطلاحًا، يُقصد بالشروع في الجريمة أن يبدأ الجاني في تنفيذ أفعال تمثل بداية فعل غير قانوني بقصد تحقيق جريمة معينة، لكنه يتوقف بسبب ظروف خارجة عن إرادته، مثل اكتشافه أو تدخل الآخرين.
تعريف الشروع في الجريمة قانونًا
قانونيًا، يُعرف الشروع في الجريمة بأنه القيام بأفعال تهدف إلى تحقيق جريمة معينة، لكن لم تكتمل لظروف غير إرادية، ويشترط في أغلب القوانين وجود نية إجرامية وبدء فعلي في التنفيذ لتحقيق الشروع.
تاريخ الشروع في الجريمة
يعود مفهوم الشروع في الجريمة إلى قوانين قديمة، حيث كانت الحضارات القديمة تُعاقب على الأفعال التي تدل على نية إجرامية واضحة، ولو لم تكتمل الجريمة. ومع تطور الأنظمة القانونية الحديثة، تطورت الأحكام المتعلقة بالشروع لتصبح جزءًا من القانون الجنائي. ويعتبر الشروع في الجريمة اليوم أحد مفاهيم القانون الأساسية التي تنظمها نصوص قانونية محددة تهدف إلى معاقبة الأفعال التي تهدد السلامة العامة والأمن المجتمعي.
أهداف معاقبة الشروع في الجريمة
تهدف القوانين إلى معاقبة الشروع لتحقيق عدة أهداف رئيسية، منها:
1. حماية المجتمع من تهديد الجريمة:
فرض العقوبات على الشروع يساعد في ردع الأفراد عن ارتكاب الجرائم وحماية المجتمع من المخاطر المتوقعة.
2. تحقيق الردع الخاص والعام:
يعزز معاقبة الشروع من الردع الخاص، حيث يمنع الجاني من محاولة ارتكاب الجرائم مستقبلًا، كما يوفر الردع العام لغيره من الأفراد.
3. إثبات نية الجريمة:
يعتبر الشروع دليلًا على نية الجاني الإجرامية، ويعكس خطورة نيته في الإضرار، ما يجعل من معاقبته ضرورة قانونية.
4. حماية حقوق الأفراد المحتمل تعرضهم للأذى:
معاقبة الشروع تقدم عدالة للضحايا المحتملين وتمنحهم شعورًا بالحماية من الجرائم المستقبلية.
طرق الشروع في الجريمة
يتخذ الشروع في الجريمة عدة طرق بحسب نوع الجريمة وطريقة تنفيذها، ومن أبرز هذه الطرق:
1. الشروع بالتحريض:
يقوم الجاني بتحريض شخص آخر على ارتكاب الجريمة، لكنه لا ينجح بسبب تدخل آخرين أو رفض الشخص الآخر لتنفيذ الفعل.
2. الشروع بالتخطيط والإعداد:
قد يبدأ الجاني في التخطيط وتنفيذ خطوات مبدئية للجريمة مثل دخول مكان الجريمة أو مراقبته، ولكنه لا يكمل بسبب ظروف خارجة.
3. الشروع بالتنفيذ الفعلي:
حين يبدأ الجاني بالفعل في تنفيذ الجريمة، مثل حمل السلاح للاعتداء أو الدخول إلى منزل بقصد السرقة، لكنه يُعيق من إتمامها.
أمثلة على الشروع في الجريمة
تشمل أمثلة الشروع في الجريمة مجموعة من الحالات، مثل:
• محاولة السرقة:
حين يبدأ الجاني بدخول مكان بهدف السرقة، لكنه يفشل في إتمام الفعل بسبب اكتشافه.
• محاولة القتل:
يبدأ الجاني بالاعتداء أو استخدام سلاح بهدف القتل، لكنه لا ينجح بسبب مقاومة الضحية أو تدخل أشخاص آخرين.
• محاولة التزوير:
حين يقوم الجاني بتجهيز مستندات مزورة لكنه يُكتشف قبل استخدامها، فهذا يمثل شروعًا في التزوير.
الجرائم التي تمثل الشروع في الجريمة والتي لا تمثل ذلك
الجرائم التي تمثل الشروع
تشمل الجرائم التي يمكن اعتبارها شروعًا إذا بدأت بالتحقق وتوقفت بسبب ظروف خارجية:
• محاولات السرقة والقتل والخطف:
إذا بدأ الجاني بالفعل في تنفيذ فعل مباشر نحو هذه الجرائم، وتوقف بسبب تدخل خارجي أو اكتشاف أمره.
• الاعتداء المسلح:
إذا هدد الجاني باستخدام سلاح لكنه لم يتمكن من تحقيق اعتدائه بسبب عائق خارج عن إرادته.
الجرائم التي لا تمثل الشروع
بعض الأفعال قد يُعتقد بأنها شروع لكنها لا تصل إلى مستوى الشروع القانوني، ومنها:
1. التفكير المجرد أو النية البحتة:
مجرد التفكير في ارتكاب الجريمة دون البدء بأي فعل لا يُعد شروعًا.
2. الأعمال التحضيرية البسيطة:
مثل شراء أدوات الجريمة أو التخطيط الأولي، إذ لا يصل ذلك إلى التنفيذ الفعلي.
3. التآمر أو الاتفاق دون التنفيذ:
الاتفاق بين أكثر من شخص على تنفيذ جريمة لكنه لم يتم البدء في التنفيذ لا يعد شروعًا.
الأعمال التحضيرية للشروع في الجريمة
تشمل الأعمال التحضيرية الأفعال التي تسبق الشروع، لكنها لا تصل إلى مرحلة التنفيذ المباشر. من هذه الأعمال:
• شراء الأدوات والأسلحة اللازمة:
كشراء سلاح لاستخدامه في جريمة دون استخدامه بالفعل.
• زيارة الموقع المستهدف:
يقوم الجاني بزيارة الموقع للحصول على معلومات مسبقة دون تنفيذ الفعل.
• التنسيق والتخطيط مع متآمرين آخرين:
إذا تمت اجتماعات للتخطيط لكنها لم تتعدَّ هذه المرحلة إلى التنفيذ.
أركان الشروع في الجريمة
يتطلب الشروع في الجريمة توافر عدة أركان أساسية، وهي:
1. الركن المعنوي (النية الإجرامية):
يجب أن يكون لدى الجاني نية واضحة في ارتكاب الجريمة، وتعتبر النية العنصر الأساسي لإثبات الشروع.
2. الركن المادي (البدء في التنفيذ):
يشترط أن يكون هناك فعل مادي يدل على بدء التنفيذ، بحيث يكون هذا الفعل له صلة مباشرة بارتكاب الجريمة.
3. الركن القانوني (عائق خارج عن إرادة الجاني):
يجب أن يكون توقف الجريمة نتيجة لظروف خارجية تمنع الجاني من إكمال فعلته، مثل تدخل الآخرين أو القبض عليه.
مقترحات لتعزيز مواجهة الشروع في الجريمة
1. تعزيز العقوبات الرادعة للشروع في الجرائم الخطيرة:
يمكن زيادة العقوبات للجرائم التي تشكل تهديدًا مباشرًا على حياة وأمن الآخرين.
2. التوعية المجتمعية حول خطورة الشروع في الجريمة وأبعاده القانونية:
توعية الأفراد حول الشروع تساعد في توضيح خطر مثل هذه الأفعال قبل اكتمالها.
3. تدريب السلطات المختصة على كشف محاولات الشروع والتعامل معها بفعالية:
من المهم تعزيز تدريب المحققين ورجال الأمن على كشف الحالات التحضيرية التي تؤدي إلى الشروع.
4. تطوير أدوات مراقبة المواقع الأكثر عرضة للجرائم:
خاصة الأماكن التجارية الكبرى والبنوك، مع تعزيز الإجراءات الأمنية الوقائية.
يمثل الشروع في الجريمة مفهومًا قانونيًا مهمًا يهدف إلى حماية المجتمع من محاولات الجرائم التي تعكس نوايا إجرامية حقيقية. وبتطبيق العقوبات المناسبة على الشروع في الجرائم، يساهم القانون في تحقيق الردع والحفاظ على الأمن والاستقرار المجتمعي، ويؤكد على ضرورة التصدي لكل أشكال النية الإجرامية قبل اكتمالها.
نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي