الضمان في الفقه الإسلامي هو عقد يلتزم فيه الضامن بتحمل مسؤولية مالية أو حق واجب على شخص آخر، بهدف تحقيق العدالة وحفظ الحقوق. يُعتبر الضمان وسيلة للتكافل الاجتماعي بين الأفراد، حيث يساعد في تسوية النزاعات وتخفيف الأعباء عن المحتاجين، وهو بذلك يعكس روح الشريعة الإسلامية القائمة على التعاون والإنصاف.
مشروعية الضمان مستمدة من القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع الفقهي، مما يجعله جزءًا أساسيًا من نظام المعاملات المالية في الإسلام.
مفهوم الضمان
الضمان هو الالتزام بتحمل دين أو حق عن شخص آخر، سواء كان ذلك تعويضًا عن خسارة، أو التزامًا ماليًا، أو كفالة لدين. يشترط في الضمان وجود رضا بين الضامن والمضمون له، ويترتب عليه نقل جزء من مسؤولية المدين إلى الضامن، مما يضمن حقوق الطرف الدائن ويعزز الثقة في المعاملات.
الدليل على مشروعية الضمان
1. القرآن الكريم:
• قال الله تعالى: “وَمَن كَفَلَهُ فَهُوَ رَهِينٌ” (سورة القلم: 39).
تشير هذه الآية إلى تحمل المسؤولية عن التزامات شخص آخر، وهو مفهوم يتفق مع جوهر الضمان.
• ومن العموميات في القرآن التي تدعم الضمان، قوله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ” (سورة المائدة: 2). الضمان يمثل نوعًا من التعاون في تيسير المعاملات وتحقيق التوازن الاجتماعي.
2. السنة النبوية:
• قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الزَّعِيمُ غَارِمٌ” (رواه أبو داود والترمذي).
يدل هذا الحديث على أن الكفيل أو الضامن ملزم بالوفاء بما التزم به، مما يثبت مشروعية الضمان كوسيلة لضمان الحقوق.
• كما جاء في السنة مواقف عملية تدعم الضمان، منها كفالة النبي صلى الله عليه وسلم للدَين عن بعض أصحابه، مما يعكس أهمية هذا النظام في التخفيف عن المعسرين.
3. الإجماع:
• أجمع العلماء على مشروعية الضمان باعتباره عقدًا شرعيًا يُلزم الضامن بتحمل التزامات المدين تجاه صاحب الحق.
• في المذهب الحنفي: يُعتبر الضمان من وسائل حفظ الحقوق وتحقيق الطمأنينة في المعاملات.
• في المذهب الشافعي: يُشترط رضا الضامن ووجود سبب مشروع للضمان.
• في المذاهب الأخرى، يتفق العلماء على أن الضمان يُحقق المصلحة العامة ويُسهم في استقرار العلاقات المالية.
شروط الضمان في الفقه الإسلامي
• رضا الأطراف: يجب أن يكون هناك رضا من الضامن والمضمون له.
• وجود دين أو التزام: لا يمكن ضمان شيء غير محدد أو غير واجب.
• مشروعية الالتزام: يجب أن يكون الالتزام مضمونًا ضمن إطار الشريعة.
أثر الضمان في المعاملات
1. حفظ الحقوق:
يضمن الضمان حقوق الدائن، حيث يُحمّل الضامن المسؤولية المالية في حال تعثر المدين.
2. تعزيز الثقة:
يُعزز الضمان الثقة بين الأطراف المتعاملة، خاصة في المعاملات المالية الكبيرة.
3. تحقيق التكافل الاجتماعي:
يُسهم الضمان في مساعدة المدينين المحتاجين ويعكس روح التعاون في المجتمع الإسلامي.
الضمان والتكافل في الإسلام
الضمان يُجسد مبدأ التكافل الذي يُعتبر ركيزة أساسية في الشريعة الإسلامية. من خلاله، يتحمل الأفراد مسؤولية بعضهم البعض، مما يُسهم في تخفيف الأعباء عن المحتاجين وتحقيق العدالة الاجتماعية. هذا المبدأ يجعل الضمان وسيلة شرعية لتحقيق الاستقرار المالي والعدالة بين الأفراد.
خاتمة
الضمان في الفقه الإسلامي يعكس تميز الشريعة الإسلامية في تحقيق العدالة والتوازن بين الحقوق والواجبات. الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع تُثبت مشروعيته، حيث يُعتبر وسيلة لحماية الحقوق وتعزيز الثقة في المعاملات. كما أن الضمان يُبرز روح التكافل والتعاون التي تدعو إليها الشريعة، مما يُسهم في بناء مجتمع أكثر عدلاً وتماسكًا.
نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي