مقالات وقضايا

معنى الحروف المقطعة بالقرآن الكريم

الحروف المقطعة في القرآن الكريم هي تلك الأحرف التي تبدأ بها بعض السور مثل قوله تعالى “ألم”، وقوله تعالى “ألر”، وقوله تعالى “كهيعص”، وغيرها، وقد اختلف العلماء في تفسيرها ودلالاتها، حيث تبرز هذه الحروف كجزء من إعجاز القرآن وأسراره، إذ إن تعدد التفسيرات يدل على عمق الرسالة القرآنية ومرونتها في إثارة التفكر والتأمل. في هذا المقال، نستعرض هذه الحروف، أماكن ورودها في القرآن، وأهم تفسيرات العلماء حولها.

مواضع الحروف المقطعة في القرآن

الحروف المقطعة وردت في بدايات العديد من السور القرآنية، وأشهرها:

1. “ألم”: في سور البقرة (البقرة: 1)، آل عمران (آل عمران: 1)، العنكبوت (العنكبوت: 1)، الروم (الروم: 1)، لقمان (لقمان: 1)، السجدة (السجدة: 1).

2. “ألر”: في سور يونس (يونس: 1)، هود (هود: 1)، يوسف (يوسف: 1)، إبراهيم (إبراهيم: 1)، الحجر (الحجر: 1).

3. “المر”: في بداية سورة الرعد (الرعد: 1).

4. “كهيعص”: في سورة مريم (مريم: 1).

5. “طه”: في سورة طه (طه: 1).

6. “طسم”: في سورتي الشعراء (الشعراء: 1) والقصص (القصص: 1).

7. “طس”: في سورة النمل (النمل: 1).

8. “يس”: في سورة يس (يس: 1).

9. “ص”: في سورة ص (ص: 1).

10. “حم”: في سور غافر (غافر: 1)، فصلت (فصلت: 1)، الشورى (الشورى: 1)، الزخرف (الزخرف: 1)، الدخان (الدخان: 1)، الجاثية (الجاثية: 1)، الأحقاف (الأحقاف: 1).

11. “حم عسق”: في سورة الشورى (الشورى: 2).

12. “ق”: في سورة ق (ق: 1).

13. “ن”: في سورة القلم (القلم: 1).

تفسيرات العلماء حول الحروف المقطعة

أثار ظهور الحروف المقطعة في القرآن نقاشات واسعة بين العلماء، وتعددت آراء المفسرين حول معناها على النحو التالي:

1. أسرار إلهية من المتشابهات: يرى فريق من العلماء أن الحروف المقطعة جزء من “متشابه القرآن”، وهي أسرار إلهية استأثر الله بعلمها. من هؤلاء الإمام الطبري الذي يرى أن هذه الحروف قد تكون تحديًا للعرب، حيث إنها تأتي من الحروف التي يعرفونها ولكن لا يستطيعون مجاراة بلاغة القرآن. وبحسب هذا الرأي، فإن الحروف المقطعة تظل جزءًا من إعجاز القرآن وسرًا إلهيًا لا يعلمه إلا الله.

2. تحدي العرب وإعجاز القرآن: يعتبر علماء آخرون، مثل ابن كثير، أن الحروف المقطعة دليل على إعجاز القرآن وتحدٍ للعرب، فالقرآن مكوّن من حروف عربية يعرفها العرب ويستخدمونها في كلامهم، ورغم ذلك عجزوا عن الإتيان بمثله. هذا التفسير يجعل الحروف المقطعة تذكيرًا بأن إعجاز القرآن يكمن في بلاغته وتفرده، وهي حروف عادية أُعجز العرب عن تركيبها بصياغة معجزة كالقرآن.

3. رموز لأسماء الله وصفاته: يرى بعض العلماء، مثل القرطبي، أن الحروف المقطعة قد تكون رموزًا لبعض أسماء الله وصفاته، أو أنها مختصرات تدل على أسماء الله. هذا الرأي يحمل دلالات روحية، ويشير إلى أن هذه الحروف قد ترمز إلى عظمة الله وصفاته الإلهية، وتضفي عمقًا روحانيًا على معاني القرآن.

4. تنبيه وجذب الانتباه: يعتقد بعض المفسرين، كابن تيمية، أن الحروف المقطعة قد تكون أسلوبًا لجذب الانتباه. فقد كان العرب يستهلون كلامهم أحيانًا بحروف معينة لجذب انتباه السامعين. وفقًا لهذا الرأي، فإن الحروف المقطعة قد جاءت في بداية بعض السور كإشارة للمسلمين والمشركين على حد سواء للإنصات والتدبر فيما سيأتي من آيات.

5. علم استأثر الله به: تفضّل بعض العلماء مثل الرازي والشوكاني عدم الخوض في تفسير هذه الحروف بشكل محدد، مشيرين إلى أنها من المتشابهات التي يجب الإيمان بها دون معرفة معناها. يرون أن الحروف المقطعة هي جزء من علم الله الذي لا يُطلع عليه إلا من شاء من عباده، وأن علينا التسليم بوجودها دون محاولة تفسيرها.

.6 نطقها بكلام الناس: إن هذه الحروف ينطقها الناس وهذا بحد ذاته معجزة ربانية وكلام الناس لا يخلو من هذه الحروف في أي مكان بكلامهم وتحدثهم مع الناس مما يدل على عظمة الخالق جلا وعلا ، ولا يمكن أن يتحدث الناس إلا بوجود هذه الحروف في كلامهم العابر والحديث على مدار الوقت.

خلاصة

إجمالًا، تتنوع آراء العلماء حول الحروف المقطعة، فمنهم من يراها أسرارًا إلهية، ومنهم من يعتبرها دلالة على إعجاز القرآن وتحديًا للعرب، بينما يراها آخرون أسلوبًا لجذب الانتباه. وتظل هذه الحروف جزءًا من إعجاز القرآن الكريم وأسراره التي لم تُحسم دلالاتها بشكل قاطع، مما يضفي على القرآن عمقًا وسرًا يدعو للتفكر والتأمل في حكمة الله وعظمته.

نسقه واعده الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي

اترك رد

WhatsApp chat