وصايا يعقوب النبي
النبي يعقوب عليه السلام، هو أحد أنبياء الله العظماء، وابن النبي إسحاق وحفيد النبي إبراهيم عليهم السلام. عُرف يعقوب بحكمته وتدينه، وقد أنجب أسباط بني إسرائيل الاثني عشر، ومن بينهم يوسف عليه السلام. في نهاية حياته، قدّم يعقوب وصايا ونصائح لأبنائه، تركزت على الإيمان بالله والتوحيد واتباع منهج الأنبياء. وقد وردت بعض هذه الوصايا في القرآن الكريم، وخاصة في سورة البقرة.
أهم وصايا يعقوب عليه السلام:
1. التأكيد على عبادة الله وحده
كان يعقوب عليه السلام حريصًا على أن يوصي أبنائه بعبادة الله وحده، وتوحيده، واتباع منهج الأنبياء. ذكر الله تعالى في القرآن هذه الوصية عندما كان يعقوب على فراش الموت:
“أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي ۖ قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (البقرة: 133).
تشير هذه الآية إلى أن يعقوب كان حريصًا على توجيه أبنائه لعبادة الله فقط، واتباع دين التوحيد الذي دعا إليه إبراهيم عليه السلام، والذي استمر به إسماعيل وإسحاق، ومن بعدهم يعقوب نفسه.
2. التمسك بمنهج الأنبياء
أوصى يعقوب أبناءه باتباع طريق الأنبياء والتمسك بما جاء به الرسل، والاستمرار على العهد الذي قطعه الأنبياء مع الله. وقد كان هدفه من هذه الوصية التأكيد على الثبات على الإيمان ونبذ الشرك، والتمسك بمبادئ العقيدة التي تقوم على طاعة الله ورسوله.
3. الوحدة الأسرية والترابط بين الأبناء
كان ليعقوب عليه السلام اهتمامٌ كبير بوحدة أبنائه وترابطهم، فقد أدرك أهمية العائلة ودورها في توجيه أبنائها لطريق الهداية. ورغم الاختلافات التي حدثت بين أبنائه، خاصة في قصة يوسف عليه السلام، إلا أنه حرص على تقديم نصائح تدعو للمحبة والوحدة والتسامح فيما بينهم.
4. الصبر والثبات عند الشدائد
يعقوب عليه السلام ضرب مثالًا عظيمًا في الصبر والثبات، خاصة عندما ابتُلي بفقد ابنه يوسف عليه السلام. وقد أوصى أبناءه بالصبر في مواجهة المحن، وكان يردد قوله:
“فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ” (يوسف: 18).
هذه الكلمات تعكس صبر يعقوب وإيمانه العميق بالله، وعدم اليأس من رحمة الله، وهي وصية تحمل معنى عظيمًا في حياة الإنسان، حيث يجب على المؤمن التحلي بالصبر والاعتماد على الله في كل الظروف.
5. التسامح والمغفرة
عندما اجتمع يعقوب عليه السلام مع أبنائه مرة أخرى بعد اكتشافهم لخطئهم تجاه يوسف عليه السلام، كان قلبه مليئًا بالتسامح والمغفرة. وقد طلب من الله أن يغفر لهم خطاياهم، قائلًا:
“قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” (يوسف: 98).
تُظهر هذه الوصية قيمة التسامح والعفو عن الآخرين، والتأكيد على أن الله هو الغفور الرحيم، ودعوة الإنسان للسعي للمغفرة دائمًا.
دروس وعِبر من وصايا يعقوب:
- قوة الإيمان بالتوحيد: تؤكد وصايا يعقوب على أهمية التمسك بالإيمان بالله وحده، وتوحيده، والابتعاد عن الشرك والبدع.
- أهمية الوحدة والترابط الأسري: حرص يعقوب على تماسك أبنائه، وهذا يظهر دور الأسرة في توجيه أفرادها نحو القيم الصالحة والمبادئ الدينية.
- الصبر والاعتماد على الله: قدم يعقوب درسًا عظيمًا في الصبر والرضا بالقضاء والقدر، وتوجيه أبنائه للصبر عند المصائب والشدائد.
- التسامح والمغفرة: بالرغم من الأذى الذي تعرض له يعقوب من أبنائه، إلا أنه اختار التسامح والعفو، مما يُظهر أهمية هذه القيمة في بناء العلاقات الإنسانية.
وصايا يعقوب عليه السلام لأبنائه كانت مليئة بالحكمة والدروس العظيمة التي تصلح لكل زمان ومكان. فقد ركزت على التوحيد، والتمسك بالعقيدة الصحيحة، والصبر، والتسامح، وأهمية العائلة في تعزيز الروابط الإيمانية والأخلاقية. هذه الوصايا هي نموذج حي لكل مسلم يبحث عن الهداية والاستقامة، وهي دروس عظيمة تنير طريق المؤمنين وتذكرهم بقيم العقيدة والمبادئ الأخلاقية السامية.
كتبه الأستاذ/ ماجد بن عايد خلف العنزي